السبت، 2 يناير 2010

خليل ابراهيم حسين الزوبعي وتاريخ العراق المعاصر


خليل ابراهيم حسين الزوبعي وتريخ العراق المعاصر.

أ. د. ابراهيم خليل العلاف

مركز الدراسات الاقليمية-جامعة الموصل

قبل أيام من رحيله في السابع عشر من كانون الاول 2002 اتصل بي المرحوم الاستاذ خليل ابراهيم حسين هاتفيا من بغداد، وقال لي انه يخطط لاكمال موسوعته الكبرى حول ثورة 14 تموز 1958 ، والتي وصل عدد ما صدر منها الى سبعة اجزاء .. فالرجل حتى آخر يوم من حياته كان يضع تأريخ بلاده في حدقات عينيه بالرغم من انه بلغ الثامنة والسبعين من عمره .. وكما هو معروف كذلك فالرجل لم يكف عن تقديم مالديه من وثائق وكتب ومعلومات الى من يطلبها من طلبة الدراسات التاريخية العليا، وكان يفخر بذلك ويتصل بمن يساعدهم ويدعوهم الى زيارته في داره للتباحث في قضايا واشكالات ما يكتبون ..

كتب عنه الكثيرون ، ومن أبرز الذين كتبوا عنه الاستاذ حميد المطبعي في (موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين) .. كما كتب عنه الاستاذ الدكتور علاء جاسم الحربي. ومما قاله الاستاذ المطبعي، ان خليل ابراهيم حسين الزوبعي ولد في ناحية العزيزية في محافظة واسط ( الكوت) وفيها اكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية .

دخل الكلية العسكرية في بغداد وتلقى علومه العسكرية العليا في المدارس العسكرية في الولايات المتحدة والاتحــاد السوفييتـــي ( السابق ) وبريطانيا ومصر والمانيا وحصل على شهادات عليا كان منها حصوله على شهادة الماجستير في اقتصاديات البترول والطاقة .. وقد عمل في مناصب عديدة لعل من أبرزها عضويته في لجنة التنسيق للهيئة الفنية الثانية في مجلس الاعمار للمدة 1957 ـ1958، ومعاون مدير الاستخبارات العسكرية بعد ثورة 14 تموز 1958 عندما كان مديرها المرحوم العقيد الشهيد رفعت الحاج سري .. وترأس تحرير المجلة العسكرية لسنوات واصبح مسؤول التوجيه المعنوي لفترة من الزمن وقد عين وزيرا للصناعة 1967 ـ1968 .. وقد انتدبته الكلية العسكرية ومدرسة الهندسة العسكرية لالقاء محاضرات .. وله مؤلفات عديدة زادت على الـ (20) كتابا .. كما ترجم بعض الكتب .. وهو عضو في اتحاد المؤرخين العــرب .

أما الاستاذ الدكتور الحربي ، فقد كتب عنه مقالة في جريدة العراق (العدد 7793 الصادر يوم 28 كانون الاول 2002 ) قال فيها ان الكل يعرف ان العشرات من طلبة الدراسات العليا كانوا يقصدونه للاستفادة من وثائقه وكتبه فضلا عن أخذ معلومات شخصية عن المرحلة المهمة التي عاصرها وأسهم في احداثها، وهي المرحلة الممتدة من سنة 1958 وحتى سنة 1968 .

كان خليل ابراهيم حسين من الضباط الاحرار ، وقد عرف بين صحبه واصدقائه بـ ( خليل رويتر)، لما كان يحمله من ذاكرة حادة وقادة ومتابعة متميزة لما يجري حوله ولثقافته التاريخية والعلمية والعسكرية والاقتصادية والاسلامية والذرية التي حصل عليها بجهود حثيثة في داخل العراق وخارجه .. وكانت له ، رحمه الله ، معلومات غاية في السعة والدقة في التاريخ الحديث وقد اقترن اسمه بموسوعة ( ثورة 14 تموز 1958) التي صدرت ، كما سبق ان قدمنا بـ (7) اجزاء ورفدها بسلسلة من الكتب الجديدة والتي وصل عددها الى (اربعة كتب) تــــدور حول ( العراق في الوثائق البريطانية 1958 ـ1959) .. وقد أخبر الاستاذ خليل ابراهيم حسين القائمين على طبع بعض مؤلفاته انه يروم دفع اكثر من عشرة اجزاء اخرى من موسوعته عن ثورة 14 تموز 1958 والتي تصل احداثها حتى سنة 1968 وقال انها جاهزة للنشر وكان ، رحمه الله ، يسابق الزمن ، ولديه طموح كبير في ان يرى كل كتاباته بين ايدي القراء والباحثين والمتتبعين، واتذكر انني كلفته عندما كنت اسهم في تدوين تأريخ الجيش العراقي، عبر هيئة كتابة التاريخ العسكري في وزارة الدفاع ،ان يكتب لي عن شخصيتين تولتا وزارة الدفاع وهما شاكر محمود شكري وعبد العزيز العقيلي رحمهما الله، وقد فوجئت بان لديه عنهما ملف كامل ومعلومات في غاية الدقة والضبط ويبدو انه كان مطلعا على ملفاتهما الشخصية في وزارة الدفاع أو ان لديه نسخ من هذه الملفات على أقل تقدير .

لقد حفظ الاستاذ خليل ابراهيم حسين الزوبعي ، كما يقول الاستاذ الدكتور علاء جاسم الحربي ، تاريخ العراق المعاصر في أدق مراحله ، وذلك من خلال المعلومات القيمة التي أخذها من رجال ذلك العهد ، سواء كانوا ضباطا أو قادة عسكريين او وزراء او رؤساء وزارات ومن وثائق بريطانية وعراقية، وجهده في هذا الجانب يعد مكملا لجهد مؤرخ العراق الكبير الراحل السيد عبد الرزاق الحسني صاحب ( تاريخ الوزارات العراقية) 1921 ـ1958 .

لقد اشترك المرحوم الزوبعي في حرب فلسطين 1948، وأسهم في تدريب الثوار الجزائريين أبان ثورتهم للتخلص من الاحتلال الفرنسي .. وقد عرف بكونه من مؤسسي ( الصنف الكيمياوي ) في القـوات المسلـحة العراقية 1956 ـ1967 ..

وقد اختير ليكون عضوا مؤسسا في ادارة (المجلس العربي المشترك للطاقة الذرية)، كما اشرف على البرنامج الذري العراقي، وشغل عضوية لجنة الطاقة الذرية 1957 ـ 1968، وتولى منصب المحلق العسكري في السفارة العراقية بواشنطن 1967 وشارك لاكثر من مرة في اجتماعات مجلس الدفاع العربي المشترك .

لقد كرم الاستاذ الزوبعي في مناسبات عديدة وكان آخرها تكريمه من قبل (مؤسسة بيت الحكمة) فـي( بغداد) التابعة لمجلس الوزراء في الوقت الحاضر . وقد جرى احتفال كبير كتبت عنه الصحافة العراقية يوم 24 تشرين الثاني سنة 2002 ومما قالته الصحافة انذاك ان العميد المتقاعد الاستاذ خليل ابراهيم الزوبعي كان من بين عدد من العلماء والمفكرين المكرمين وقد علت عليه عند حضوره التكريم ((نشوة العلماء بعلمهم وكان يسير، وهو يختط طريقه الى بيت الحكمة برغم اقترابه من سن الثمانين ودخوله معترك الحياة العلمية والعملية منذ تخرجه بتفوق ضابطا عام 1943 حتى حصوله على شهادات جامعية اولية وعليا في اختصاصات مختلفة وتأليفه اكثر من سبعين كتابا وبحثا مطبوعا في اقتصاديات الطاقة والنفط والذرة والتاريخ والاقتصاد الاسلامي وهو لايزال يحلم في كل يوم بتلقي العلوم الصرف اكثر مما التهم وقرأ)) .

كان الاستاذ الزوبعي مؤمنا بأن على المؤرخ ان يكون مثل المصور الفوتوغرافي الذي ينقل الاحداث كما هي .. وهكذا نجده يطلق لقلمه العنان، وهو يدون الاحداث والوقائع كما وقعت بالضبط، لكنه كان يحاول ان يتوسع في بعض التفسيرات لهذه الاحداث فيوجه اسئلة عديدة لمن كان له دور فيها ويحرص على نشر الاجابات كما هي وبدون ان يتدخل سوى انه يعمد في كثير من الاحيان ، الى وضع الحدث في اطاره الزمني والمكاني . لقد كان مؤرخا موضوعيا منصفا شجاعا في قول الحق صاحب مروءة أمينا .. فاستحق الذكر والذكر للانسان حياة ثانية له.
*المصدر http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2009/12/blog-post_27.html

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم د إبراهيم
    كيف لي الحصول على كتب خليل إبراهيم وكتب شاكر صابر

    ردحذف

في اهمية العودة الى الثوابت القيمية الاخلاقية

                                                                      ابراهيم خليل العلاف   ومساؤكم خير .........................وليلكم جميل...