السبت، 6 مارس 2010

فاضل حسين وجهوده في ترصين اسس المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة




فاضل حسين وجهوده في ترصين أُسس المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة
أ.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
مؤرخ عراقي معروف ولد في مدينة بعقوبة (محافظة ديالى) سنة 1914 وقد تلقى تعليمه الاولي في مدرسة بعقوبة الابتدائية 1923-1929، ثم التحق بدار المعلمين الاولية وامضى فيها اربع سنوات وتخرج وعين معلما سنة 1932 وفي سنة 1938 اشترك في الامتحان العام (الوزاري) كطالب خارجى واجتاز الامتحان بنجاح وفي السنة التالية تقدم الى وزارة المعارف (التربية) للحصول على بعثة للدراسة خارج العراق ورشح للالتحاق بالجامعة الاميركية في بيروت وحصل منها على شهادة البكالوريس في التاريخ سنة 1943 وقد عاد الى العراق ليعمل بين سنتى 1943 و1948 مدرسا للتاريخ في المدارس الثانوية، وحظى بعد ذلك ببعثة علمية اخرى، اذ سافر الى الولايات المتحدة الاميركية ودرس في جامعة انديانا ونال الدكتوراه سنة 1952 عن رسالته " ولاية الموصل: دراسة في الدبلوماسية البريطانية – والتركية – والعراقية وفي الراى العام".
وقد عد عملا متميزا يستحق المبا دلة مع الجامعات الاخرى خاصة انها نجحت في عرض وجهة نظر العراق امام العالم عرضا حسنا كما قال المشرف على الرسالة الاستاذ (بنز).
عاد الدكتور فاضل حسين الى العراق وعين مدرسا في دار المعلمين العالية (كلية التربية
فيما بعد) ثم رقي الى مرتبة استاذ مساعد. وفي سنة 1966 حصل على مرتبة الاستاذية. وقد تسنم مناصب عديدة كان من ابرزها (رئيسا لجامعة الحكمة) ببغداد 1968 .
عمل بين سنتى 1971-1972 استاذا في قسم التاريخ بكلية الاداب، جامعة الملك سعود وفي السنوات 1958 و1974 و1984 دعى الى معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية لالقاء محاضرات حول تاريخ العراق والشرق الادنى الحديث، وخلال وجوده في القاهرة القى محاضرات في مركز بحوث الشرق الاوسط / جامعة عين شمس وفي الجمعية التاريخية المصرية.
كان الاستاذ الدكتور فاضل حسين، استاذا متميزا ومربيا فاضلا، ترك اثارا عميقة لدى طلبته وزملائه، خاصة وانه كان معروفا بدماثة الاخلاق والصراحة والجدية وسعة الاطلاع ودقة الملاحظة وصدق الاستنتاج، لكنه لم يخف عن احد بانه كان ليبراليا وقد عشق الحرية والعدالة والتقدم وعبر عن ذلك في محاضراته ومؤلفاته. كان منذ زمن مبكر من حياته معجبا بما كانت تكتبه جريدة الاهالي في الثلاثينات من القرن الماضي وقد انتمى الى جمعيتى الاصلاح الشعبي 1937 و الرابطة الثقافية 1943 الراديكاليتين وفتح له ذلك الطريق للتعرف على عدد كبير من الشخصيات العراقية المعروفة بتوجهاتها التحررية والاشتراكية امثال جعفر ابو التمن وكامل الجادرجي وذو النون ايوب وعبد الفتاح ابراهيم وحسين جميل ويوسف متري .
اهتم بتدوين تاريخ الحزب الوطني الديموقراطى المؤسس في العراق سنة 1946 وكان من اوائل المؤرخين العراقيين الذين تصدوا لدراسة وتدريس تاريخ الفكر السياسي الحديث في العراق المعاصر. وللدكتور فاضل حسين اراء قيمة في مجال كتابة التاريخ وفهمه. كان يعتقد ان اكبر مشكلة تواجه المؤرخ هي مشكلة (الاحكام المسبقة Prejudgment ,) وتعنى عد م الحكم على قضية ما وفرض تفسير معين لها قبل الاطلاع على معطياتها. وبهذا المنهج درس ثورة 1920 الكبرى في العراق واستنتج بانها لم تكن ثورة دينية او عشائرية او طبقية بل ثورة وطنية اسهم فيها كل العراقيين وهدفها الاستقلال والتحرر والتقدم.
كان الدكتور فاضل حسين، يرى ان مهمة كتابة التاريخ مهمة صعبة تقتضي التثبت من الحقيقة، كل الحقيقة ولا شئ غير الحقيقة عن الماضي .وقد سار على هذا المنهج في كل كتاباته .
الف الدكتور فاضل حسين كتبا كثيرة منها: تاريخ الحزب الوطني الديموقراطي 1963، وتاريخ الفكر السياسي في العراق المعاصر 1984 ، وسقوط النظام الملكي في العراق 1974، ومؤتمرلوزان واثاره في البلاد العربية 1958 ، والتاريخ الاوربي الحديث 1789- 1914 ومشكلة شط العرب 1975.
كما ترجم اعمالا عديدة منها: تاريخ فلسطين السياسي وهو بالاصل المذكرة التى قدمتها الحكومة البريطانية سنة 1947 الى لجنة الامم المتحدة الخاصة بفلسطين وقد طبع الكتاب ببغداد 1956. وترك الدكتور فاضل حسين مقالات كثيرة منشورة في الصحف والمجلات العراقية والعربية والاجنبية وتدور معظمها حول موضوعات تاريخية وسياسية وتربوية منها مقالاته المتسلسلة في جريدة الاهالي (البغدادية) بين 23 تشرين الثاني و3 كانون الاول 1945.
وتعد من ابرز ما قدمه في سبيل نهضة التعليم في العراق وتقدمه في تلك الحقبة المهمة من تاريخ العراق المعاصر. وقد وضع عندي نسخة من هذه المقالات حيث كنت من طلبته الذين اشرف عليهم، ويعرف بانني من المهتمين بالتاريخ الوطني للتعليم في العراق وارجو ان تتيسر لي فرصة تقديم دراسة لاراء الدكتور فاضل حسين في مجال السياسات التربوية في العراق.
في اليوم السادس والعشرين من اب سنة 1989 توفي الدكتور فاضل حسين وبوفاته فقدت المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة واحدا من ابرز اعلامها ويقينا ان ما تركه بيننا من اثار يجعلنا نذكره بكل اعتزاز وفخر رحمه الله .
******************************
* منشورة في مدونتي مدونة الدكتور ابراهيم العلاف والرابط :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/…/blog-post_8968.ht

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معنى كلمتي (جريدة ) و(مجلة )

  معنى كلمتي ( جريدة) و(مجلة) ! - ابراهيم العلاف ومرة تحدثت عن معنى كلمة (جريدة ) وقلت ان كلمة جريدة من   (الجريد) ، و( الجريد) لغة هي :  سع...