الخميس، 21 أبريل 2011

الدكتور صالح محمد العابد 1935-2006 والتأريخ للخليج العربي الحديث

الدكتور صالح محمد العابد 1935 ـ2006والتأريخ للخليج العربي الحديث







أ.د.ابراهيم خليل العلاف






استاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل






مؤرخ ، وباحث ، وأستاذ جامعي مرموق ، اخترمه الموت يوم 30 أيلول 2006 ، بعد مرض عضال عانى منه كثيرا . و قد عرفت الدكتور العابد ، رحمه الله ، منذ السبعينات من القرن الماضي ، إنسانا فاضلا وصديقا عزيزا وباحثا دؤوبا ، ومؤرخا ثبتا حريصا على علمه ووطنه . وقد اشتهر بين زملائه بدماثة خلقه وبجديته ونشاطه الجم .






ولد سنة 1935 في بغداد ، واكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها ، ثم التحق بدار المعلمين العالية ، والتي تسمى اليوم بكلية التربية / جامعة بغداد وحصل على الليسانس ( البكالوريوس) في الاجتماعيات ( التاريخ) ، وبعدها مارس التدريس مدرسا لمادتي التاريخ والجغرافية في عدد من مدارس العراق المتوسطة والثانوية العراقية . ولم يكن من الذين يكتفون بما حصلوا عليه من شهادة ، فأصر على مواصلة دراسته ولم تتيسر له فرصة السفر إلى خارج العراق بسبب الظروف التي سادت العراق إبان الستينات والسبعينات من القرن الماضي ، لذلك التحق بالدراسات العليا داخل العراق ودخل كلية الآداب بجامعة بغداد وحصل على الماجستير سنة 1974 في التاريخ الحديث وكانت رسالته بعنوان ((دور القواسم في الخليج العربي))






ثم حصل على الدكتوراه عن أطروحته الموسومة ((موقف بريطانيا من النشاط الفرنسي في الخليج العربي 1798 ـ1801 )) والجدير بالذكر أن الأستاذ الدكتور عبد القادر اليوسف ، وهو أستاذي المشرف في الماجستير ، قد اشرف على رسالته للماجستير وأطروحته للدكتوراه والأستاذ اليوسف أستاذ قدير ، ومتمكن وله كتب مشهورة في عالم التاريخ الحديث . وقد سبق أن حصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية أواخر الخمسينات من القرن الماضي .






قال صديقنا الأستاذ حميد المطبعي في موسوعته ( أعلام العراق في القرن العشرين) وتقع في ثلاثة أجزاء والمطبوعة ببغداد في أواسط التسعينات من القرن الماضي عن الدكتور صالح محمد العابد ، انه باحث في التاريخ ، كتب عنه الدكتور جون كيلي الأستاذ البريطاني المتخصص بتاريخ الخليج العربي المعاصر . كما كتب عنه الأستاذ الدكتور احمد عبد الرحيم مصطفى وهو من ابرز أساتذة التاريخ الحديث في جامعة القاهرة .






اشرف الدكتور العابد على الكثير من رسائل واطروحات الدراسات التاريخية العليا في جامعة بغداد وفي معهد التاريخ العربي التابع لاتحاد المؤرخين العرب وتخرج على يديه طلبة كثيرون ، وصل بعضهم اليوم إلى مرتبة الاستاذية منهم طاهر خلف البكاء واسعد محمد زيدان الجوادي واسيل عبد الستار وانعام مهدي السليمان ومحمود عبد الواحد محمود القيسي وباسم حطاب حبش الطعمة ، وحنا عزو بهنان ، وخليل إبراهيم صالح المشهداني ، وجاسم محمد هادي القيسي ، ونايف محمد حسن الاحبابي ، ونذير جبار الهنداوي ، وبشرى محمود صالح الزوبعي ، وأنيس عبد الخالق .. وسحر احمد ناجي ، ورياض جاسم حسن الاسدي وعبد المجيد عبد اللطيف العاني وعمر محمد جعفر قراحلة . وتدور تلك الرسائل والاطروحات حول موضوعات متنوعة تدلل على سعة أفق ومعرفة الدكتور العابد وتشعب اهتماماته .. منها على سبيل المثال العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية 1925 ـ 1945 ، أزمة مراكش الأولى 1905 ـ1906 ، حكم الشيخ خز عل في الاحواز 1897 ـ1925 ، السلطان عبد الحميد الثاني والأطماع الصهيونية في فلسطين 1976 ـ1909 ، تغلغل النفوذ البريطاني في العراق 1798 ـ1831 ، العلاقات البريطانية ـ الإيرانية 1798 ـ1857 ، محاكم التفتيش الأسبانية ، التطورات السياسية في عمان وعلاقاتها الخارجية 1983 ـ1932 ، العلاقات البريطانية ـ الإيرانية 1857 ـ 1907 ، التوسع البريطاني في الهند 1668 ـ1763 ، تطورات عمان الداخلية وعلاقاتها الخارجية 1856 ـ 1888 ، العلاقات السعودية ـ الإيرانية 1953 ـ1905 ، الموقف العربي والإقليمي من الحماية البريطانية في الخليج العربي 1507 ـ1650 ، التطورات الداخلية للدولة السعودية الثانية 1843 ـ1865 ، النشاط التجاري والسياسي لشركة الهند الشرقية في الهند 1600 ـ1778 ، العلاقات الخارجية الكارولنجية في عهد شارلمان ، السياسة العثمانية في الخليج العربي 1896 ـ1914 ، الأمير عبدالاله 1939 ـ 1958 ، مشاريع التقسيم في فلسطين 1917 ـ 1948 ، التطورات السياسية في عمان 1783 ـ1804 .






ليس من السهولة رصد وحصاد النتاج العلمي للأستاذ الدكتور صالح محمد العابد ، ولكن لابد من الإشارة إلى انه اصدر عددا من الكتب منها :






1. دور القواسم في الخليج العربي 1747 ـ 1820 وقد طبع في مطبعة العاني ببغداد سنة 1976 .






2. موقف بريطانيا من النشاط الفرنسي في الخليج العربي 1798 ـ 1810 ، وطبع في مطبعة العاني ببغداد سنة 1979 .






ومن بحوثه ودراساته المنشورة :






1 . حركة الانبعاث الإيطالية ، مجلة المؤرخ العربي ، العدد(17) ، 1981 .






2 . الحروب الصليبية : دوافعها ونواتجها الممهدة ، مجلة المورد ، المجلد 16 ، العدد 4 ، 1987






3 . حملة السلطان مراد الرابع لاستعادة بغداد 1638 ، مجلة المورد ، المجلد 8 ، العدد 4 ، 1979






4 . الدكتور زكي صالح ، مجلة المؤرخ العربي ، العدد 56 ،1998






5 . الدكتور ياسين خليل عبد الله : حياته وسيرته العلمية ، مجلة المؤرخ العربي ، العدد 56 ، 1998 .






وللدكتور العابد إسهامات في تحرير العديد من الموسوعات منها على سبيل المثال موسوعة (العراق في التاريخ) ، وموسوعة (حضارة العراق) 13 مجلدا ، وموسوعة ( الجيش والسلاح) 5 مجلدات وموسوعة ( العراق في مواجهة التحديات) 3 مجلدات .






يقول الدكتور العابد عن منهجه في كتابة التاريخ ما نصه : ((ما اكتبه في التاريخ يتوخى الحقيقة أولا بالتحليل والتعليل وصولا إلى نتائج مقنعة )) ومعنى هذا انه يعتقد بالرؤية الوضعية التي ترى بان على المؤرخ أن يعيد تشكيل الحدث التاريخي كما وقع ، وقد عرفت الدكتور العابد ، مؤرخا يتقن اللغة الإنكليزية ، لذلك فهو من أوائل المؤرخين العراقيين الأكاديميين الذين جاءوا بعد الجيل الثاني ( واقصد جيل زكي صالح وجيل عبد العزيز الدوري وجيل عبد القادر اليوسف وجيل فاضل حسين) الذين اهتموا بالوثائق وحرصوا على استخدامها في كتاباتهم ولم يكن هؤلاء ليقتصروا على ما هو متوفر من الوثائق داخل العراق وحسب بل ، إن كثيرا منهم وأنا والدكتور العابد والدكتور خليل علي مراد وغيرنا شدوا الرحال إلى بريطانيا وطرقوا باب دور وثائقها وخاصة دائرة السجلات العامة Puplic Record Office ودار وثائق الهند وسجلاتها






India Office and Liberary and Record وحصلوا على وثائق مهمة استخدموها في رسائلهم واطروحاتهم.






وكان الدكتور العابد كذلك من اكثر المؤرخين العراقيين الذين اهتموا بتاريخ القوى المحلية الشعبية ودورها في تحقيق الاستقلال سواء في العراق أو الخليج العربي أو الأقطار العربية الأخرى .. فالدكتور العابد لم يكن من أولئك الذين ينصب اهتمامهم على القوى الرسمية ودورها في التاريخ وحسب فذلك يتعارض وتوجهه التقدمي اليساري الذي كنت أحسه على المستويين الشخصي والعلمي .. فالتاريخ لايمكن إلا أن يكون مسيرة مضطردة للتقدم الإنساني في كل مجالات الحياة .






رحم الله الدكتور صالح العابد فقد كانت وفاته خسارة حقيقة للمدرسة التاريخية العراقية المعاصرة .






المصدر :موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين تأليف الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف وهي تنشر تباعا في مجلة علوم انسانية الالكترونية التي تصدر في هولندة ويشرف على تحريرها الدكتور حميد الهاشمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معنى كلمتي (جريدة ) و(مجلة )

  معنى كلمتي ( جريدة) و(مجلة) ! - ابراهيم العلاف ومرة تحدثت عن معنى كلمة (جريدة ) وقلت ان كلمة جريدة من   (الجريد) ، و( الجريد) لغة هي :  سع...