الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

مع كتاب " واسط في العصر الأموي " للاستاذ الدكتور عبد القادر المعاضيدي عرض : عزت عمر

مع كتاب " واسط في العصر الأموي " للاستاذ الدكتور عبد القادر المعاضيدي
عرض : عزت عمر
الاستاذ الدكتور عبد القادر المعاضيدي أكاديمي وموسوعي وباحث عراقي في التاريخ الإسلامي، حصل على الدكتوراه من جامعة بغداد عام 1980، ونال درجة الأستاذية عام 1991، ويعمل حالياً أستاذاً في جامعة الشارقة ـ قسم التاريخ والحضارة الإسلامية، له العديد من المؤلفات منها: موسوعة حضارة العراق (بالاشتراك مع آخرين)، عثمان بن عفان ذو النورين، تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، تاريخ الدولة العربية الإسلامية في العصر الأموي. شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات ونشرت له بحوث مختلفة في المجلات التاريخية: سومر والأستاذ والمؤرخ العربي وغيرها...
كتابه واسط في العصر الأموي 81 هـ ـ 132 هـ صدر مؤخرا عن كلية الآداب والعلوم بجامعة الشارقة ، تناول فيه مدينة واسط التي شيّدها الحجاج بن يوسف الثقفي في الربع الأخير من القرن الأول هجري (السابع ميلادي)، فكانت من أعظم مدن العراق بل المدن العربية خلال أحد عشر قرانا على حد تعبيره، حيث كانت قاعدة للجيوش العربية المنطلقة إلى السند والهند وما وراء النهر وغيرها.
وهي إلى ذلك كما أشار في تقديمه أنها مدينة مظلومة لم يُعن أحد من المؤرّخين المعاصرين بتدوين ما قدمته للحضارة العربية والإسلامي من خدمات جليلة.ومن هنا تأتي مساهمته البحثية للكشف عن تاريخ هذه المدينة، التي أصبحت مركزا لإدارة العراق والمشرق الإسلامي خلال الحقبة الأموية. يتضمن الكتاب مقدمة وخمسة أبواب رئيسة، وفي كل باب عدد من الفصول:
خصص الباب الأول منها لدراسة منطقة واسط وجاء في ثلاثة فصول حيث في أوّلها حدد منطقة واسط وبيّن سبل إدارة العرب الفاتحين للعراق حيث اعتمدوا في أول الأمر التقسيمات القديمة التي كانت على عهد الساسانيين، إلاّ أنهم فيما بعد اتبعوا نظاما إداريا خاصا باعتبار المدينة لها أهميتها كمركز مشرف على المنطقة المحيطة بها.
أما الفصل الثاني فقد تناول فيه بحث أنهار منطقة واسط كدجلة والأنهر الفرعية التي كانت تأخذ مياهها منه، من مثل نهر «الزاب» الذي حفره الحجاج بن يوسف الثقفي لسقاية الأراضي المحيطة بواسط، وذلك بعد بناء المدينة.
وكذلك نهر «فم الصِّلح» نسبة على المدينة التي تحمل ذات الاسم، و نهر «المبارك» الذي يقع على بعد فرسخين منه، وقد حفر في زمن خالد بن عبد الله القسري وبلغت كلفته إثني عشر مليون درهم، وذكر الرقم هنا ضروري لمعرفة تكلفة هذه القنوات أو الأنهر الصناعية على الدولة، ومدى اهتمامها بتطوير الحياة من خلال تقدّم الزراعة في المنطقة.
ليأتي الفصل الثالث فيتناول مدن واسط وقراها وأديرتها، ويؤكّد أن منطقة واسط كانت مزدحمة السكان كثيرة المدن والقرى في هذه الفترة، وذلك لأن مدينة واسط كانت منذ أوّل إنشائها لها أهميتها الإدارية والسياسية والاقتصادية.
في الباب الثاني سيدرس المؤلف بناء المدينة وتوزيع سكانها وقد تضمن خمسة فصول: شمل الفصل الأول إسم المدينة وتاريخ بنائها، منوّهاً في بدايته إلى سبب التسمية واختلاف أقوال المؤرخين والجغرافيين حولها، غير أنه سيؤكّد بعد استعراض أقوال وآراء الباحثين، أن اسمها عربي أطلقه الحجاج عليها، لأن موضعها وسط بين الكوفية والبصرة.
ليتحدث بعد ذلك عن تاريخ بناء المدينة مستعرضاً آراء المؤرخين ك: ابن قتيبة والبلاذري والطبري وابن الأثير وغيرهم من المؤرخين الذين اختلفوا كعادتهم في تحديد سنة بنائها. ليستنتج في الخلاصة أن الحجاج بدأ في بناء مدينته على الأرجح سنة 81 ه\007 م، وأنه أتم بناءها في سنة 82 هـ \107 م.
وعاش فيها إلى أن توفاه الله، أما في الفصل الثاني فقد تطرّق إلى أسباب بناء هذه المدينة الحصينة ومن ذلك أنه بعد أن بدأ يواجه الثورات المختلفة ضدّه، فكر ببناء مدينة تكون مقراً لحكمه، وليتمكّن من إخماد كلّ ثورة تقوم ضده في المستقبل، وإلى ذلك فإن ثمة عاملاً سياسياً ينضاف إلى العامل العسكري، أنه أسكن أهل الشام وهم الساعد الأيمن له، ليعتمد عليهم اعتماداً كلياً في تثبيت حكمه بقضائهم على المعارضة في العراق.
أما العامل الاقتصادي، وكما هو معلوم، فقد اشتهر الحجاج بإصلاحاته الإدارية والاقتصادية، فأصلح القنوات القديمة وأقام السدود وبنى القناطر في منطقة البطيحة لاستغلال الأرضي لتكون مصدراً أساسياً للغذاء ومورداً مهمّاً لإيرادات الدولة. وأخيراً العامل الصحّي: المرتبط بنقاوة الهواء ونظافة المدينة وغير ذلك.
بينما في الفصل اللاحقة سيدرس المؤلف تخطيط المدينة وتقسيمها إلى أحياء وأسواق ودور عبادة وغير، وبحث في مساحتها، وسكانها، والقبائل العربية التي سكنتها منذ أول إنشائها، بالإضافة إلى موالي هذه القبائل والأقوام التي سكنتها من فرس ونبط ويهود ونصارى ومجوس.
وإلى ذلك فإنه في الباب الثالث من الكتاب فقد درس التنظيمات الإدارية والأمراء الذين توالوا على إدارتها ومنهم: الحجّاج بن يوسف الثقفي، يزيد بن أبي مسلم الثقفي، يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة، مسلمة بن عبد الملك بن مروان، عمر بن هبيرة الفزاري وابنه يزيد، وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز وغيرهم.
وقد أورد نبذة سيرية عن كلّ أمير من هؤلاء الأمراء والأعمال التي قام بها، وعلاقتهم جميعاً بالمركز في دمشق، ليؤكّد بعدها أن أمراء واسط اتّبعوا في إدارتهم خطى الخلفاء الأمويين، وأن سياساتهم كانت تتسق مع سياسة هؤلاء الخلفاء، وقدّم تفصيلات وافية عن أسباب تولي هؤلاء الأمراء لإدارة العراق وأسباب عزلهم عنها، متابعاً الأعمال التي قاموا في المدينة، إلى جانب الحوادث المهمة التي وقعت في عهودهم.
وأما في الفصول اللاحقة فقد تتبع سير الموظفين الكبار والدوائر الإدارية التي شغلوها، وآلية تطبيق النظام وتنفيذ القوانين بالإضافة إلى متابعته لعمل الدواوين وتاريخ تعريبها وارتباط الإدارات العراقية الأخرى بالتقسيم الإداري ومدى ارتباطها جميعاً بواسط.
أما البصرة والكوفة فقد كانتا بدورهما إدارتين مركزيتين تدير كلّ منهما المنطقة المحيطة بها، غير أن أمير واسط هو الذي يعين نائبا عنه على البصرة وآخر على الكوفة، يطلق على كل واحد منهما اسم الوالي ويكون مسؤولا أمام أمير واسط. كما أن أمير واسط يشرف على المشرق الإسلامي ويقوم بتعيين ولاة المقاطعات هناك أيضا.
ويفرد المؤلف الباب الرابع للبحث في التنظيمات المالية بواسط ومن ذلك موارد بيت المال من: خراج وجزية وفيء وعشور التجارة وغيرها إلى جانب مصروفات الدولة ورواتب الموظفين، وتكاليف المنشآت العامة والحملات العسكرية، وحصّة بيت المال المركزي وتوزيع العطاء على المسلمين وأوقات توزيعه.
وإلى ذلك فإنه سيبحث مطوّلاً في عملية سك النقود وضربها وتعريبها بالعودة إلى زمن الخلافة الأولى، ليبيّن أن العرب قبل الإسلام وبعده كانوا يتعاملون بالنقود الساسانية والبيزنطية وعندما جاء عمر بن الخطاب أمر في سنة 18 هـ بضرب دراهم جديدة على طراز الدراهم الساسانية محددا مقدار الدرهم الشرعي، ثم يذكر أن كلا من عثمان وعلي قد أقروا التعامل بالنقود الفارسية والبيزنطية.
كما أقرّها الخلفاء الأمويون من بعدهم، إلى أن تم تعريبها في زمن الخليفة عبد الملك بن مروان الذي أمر بضرب النقود بدمشق على الطراز الإسلامي، ثم بعث بالسكّة إلى الحجّاج بالعراق ليحذو حذوه، فكان أن اتّخذ الحجاج عددا من مراكز سكّ النقود في العراق، إلا أنه بعد أن بنى مدينة واسط اتّخذ فيها داراً للضرب، ثمّ أخذ يقلص أهمية المراكز الأخرى بصورة تدريجية.
وهكذا واظبت واسط على سكّ النقود حتى نهاية الدولة الأموية سنة 132 هـ كمركز وحيد لضرب الدراهم في جميع الأقاليم التابعة للدولة الأموية، مبينا أسباب اعتماد واسط كمركز لضرب الدراهم.
ويأتي الباب الخامس ليبحث التنظيمات الاقتصادية بواسط حيث كرّس الفصل الأول للزراعة وبين اهتمام الأمراء بشؤنها ثم أشار إلى أشهر الحاصلات الزراعية فيها.
أما الفصل الثاني فقد خصّه للتجارة، وقد بيّن فيه الأسباب التي أدت إلى ازدهار التجارة فيها، سيما وأن موقع المدينة كان له أهمية تجارية ممتازة من حيث التقاء طرق التجارة الداخلية والخارجية، مما أدى لتنشيط الحركة التجارية. وهذا بالإضافة إلى أن واسط كانت بمثابة جسر يربط بين المشرق وأواسط آسيا والصين من جهة، وبلاد الشام والحجاز من جهة الأخرى.
أما الفصل الثالث والأخير فقد تناول فيه المؤلف الصناعة بواسط حيث أكّد أن الصناعة كانت مزدهرة ولا سيما صناعة النسيج والخزف والفخار، وصناعات مختلفة أخرى ومنها الحدادة والنجارة والصباغة وغيرها...
بالإضافة للأبواب الخمسة سيقدم المؤلف مجموعة من الملاحق ضمت القبائل العربية العدنانية منها والقحطانية بالإضافة إلى مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الخلفاء الأمويين والأمراء إلى جانب ثبت بأسماء كبار موظفي واسط ، وأسماء كبار الدواوين وجداول إحصائية وملخّصاً باللغة الإنجليزية، وأخيرا المصادر العربية والأجنبية.
*
http://www.albayan.ae/paths/books/1124342949262-2005-08-22-1.94096

هناك تعليق واحد:

  1. انا ابحث عن هذا الكتاب من اكتر من سنه كيف السبيل للحصول على نسخه وانا في الدنمارك ؟
    تحياتي يا دكتور

    ردحذف

مقدمات العلاف

   مقدمات العلاف خلال سنوات طويلة، تشرفتُ بكتابة مقدمات لكتب ، اصدرها كتاب ومؤرخون واساتذة اجلاء .. ومراكز بحثية رصينة صدرت تتعلق بموضوع...