الثلاثاء، 26 يناير 2016

عبد الوهاب محمود 1909-1972 نائبا في البرلمان ووزيرا ونقيبا للمحامين وسفيرا للعراق في موسكو ا.د.ابراهيم خليل العلاف







                                                صورة عبد الوهاب محمود 1909-1972



عبد الوهاب محمود 1909-1972 نائبا في البرلمان ووزيرا ونقيبا للمحامين وسفيرا للعراق في موسكو 
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل 
للاسف لم أجد فيما قرأت ، مقالة عن الاستاذ عبد الوهاب محمود مع انني كنت اريد ان اكتب عنه منذ زمن طويل ، لكن رسالة وصلتني قبل ايام من الصديق الاستاذ سهيل سامي نادر الناقد التشكيلي والصحفي الكبير تقول ان ابنة أخ الاستاذ عبد الوهاب محمود ( الدكتورة مي عبد الكريم ) تريد معلومات عن سيرة عمها وانها تعمل على اعداد شيئ عن عمها وانه طلب مني ان أوافيها بما لدي.
وانا في الحقيقة احسب بأن الاستاذ عبد الوهاب محمود هو من الشخصيات التي خدمت العراق وانه كان ذو افكار يسارية حتى وهو وزير في العهد الملكي .قال عنه صديقه الاستاذ محمود خالص انه كاتب سياسي ومفكر اجتماعي يدعو الى ترسيخ المبادئ الديموقراطية ورفع مستوى الطبقات العاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية .
كان – عضوا في حزب الاحرار بزعامة توفيق السويدي والذي تأسس سنة 1946 وكان سعد صالح نائبا لرئيس الحزب وقد اسهم هو في تأسيس الحزب واصبح لفترة نائبا لرئيسه . وعرف عن هذا الحزب اهتمامه بتطبيق الدستور نصا وروحا لتحقيق الاصلاح المنشود واخترام الاديان والمذاعب والاهتمام بتعليم المرأة وتقوية جامعة الدول العربية والسعي بإتجاه انقاذ فلسطين من براثن الصهيونية ونقل البلاد من حالة الحرب الى حالة السلموالغاء القوانين الاستثنائية واوضح الحزب ان هدفه هو "النهوض بالشعب العراقي على اختلاف طبقاته والعمل على توحيد صفوف ابنائه في سبيل التعاون على تنظيم المملكة بالاساليب والطرق العصرية ،وتقدمها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا " .لكن الحزب جمد نشاطه السياسي سنة 1948 واصدر بيانا قال فيه :"ان الفئة الحاكمة في العراق تنظر الى الاحزاب القائمة نظرة عداء منذ تأسيسها ..." .
وعندما عدت الى أوراقي وما امتلكه من مصادر ومراجع في تاريخ العراق المعاصر وجدت ان لا احدا كتب سيرته الذاتية اين ولد ؟ ومتى ؟ واين ؟ وما هي ثقافته وظروف تكوينه الفكري ؟ وكل ما قرأته في بعض الاوراق والمراجع ومنها كتاب الاستاذ خالد احمد الجوال الموسوم :"موسوعة أعلام كبار ساسة العهد الملكي 1920-1958 " الجزء الاول ؛ ان الاستاذ عبد الوهاب محمود خريج كلية الحقوق ولم يذكر في اية كلية لكني علمت فيما بعد من الاخت الدكتورة مي عبد الكريم محمود انه درس الحقوق في تركيا أي في جامعة اسطنبول في حين وجدت في وثيقة بريطانية انه خريج كلية الحقوق في بغداد وفي تركيا وهناك اقترن بزوجته التركية السيدة (راقية ) التي أتت لتعيش معه في بغداد وكانت تتقن اللغة الفرنسية لهذا قامت بتدريسها في احدى المدارس ببغداد .كما كانت تتقن اللغة الانكليزية وكانت امرأة معروفة ومتحررة بقياسات الفترة التي عاشت فيها وان له ابنة وحيدة اسمها (بوران ) التي اقترنت ب(اسامة ) إبن تحسين قدري مرافق الملك فيصل الاول في رحلاته الى اوربا وحضوره مؤتمر الصلح في باريس ورئيس تشريفاته في الثلاثينات من القرن الماضي وتحسين قدري من بعلبك بلبنان وكان ضابطا في الجيش العثماني ثم في الجيش العربي في سوريا 1918- 1920 برتبة مقدم ولها منه ابنتان هما (زكية ) و(مي ) . وانه مارس المحاماة بعد تخرجه .
من خلال الكتاب الذي اصدره الصديق الدكتور مؤيد الونداوي والموسوم :" اعلام الشخصيات السياسية العراقية 1935-1958 " وجدت ترجمة للاستاذ عبد الوهاب محمود تقول انه من مواليد البصرة سنة 1909.. وهناك من قال سنة 1910 .. تلقى تعليمه في البصرة وبغداد وتخرج في كلية الحقوق فيها سنة 1932 .كان عضوا في حزب الاحرار واستمرت عضويته من سنة 1946 ولغاية 1948 حين انهى الحزب نشاطه .
كما كان الاستاذ عبد الوهاب محمود عضوا في مجلس النواب للدورة الانتخابية الثامنة 23 كانون الاول 1937-22 شباط 1939 في 20 كانون الاول 1938 ، وانه اعتقل ووضع تحت الاقامة الجبرية في قضاء تلعفر بلواء الموصل (محافظة نينوى ) لمدة سنتين بسبب اتهامه بإثارة العشائر في الديوانية وقد اطلق سراحه بعد ازاحة المدفعي.
وكان عضوا في مجلس النواب للدورة التاسعة 12 حزيران 1939 -9 حزيران 1943 وعضو مجلس النواب للدورة الانتخابية العاشرة 9 تشرين الاول 1943-21مايس 1946 ...طبعا كان في كل هذه الدورات نائبا عن لواء العمارة اولا 1937 ثم عن لواء البصرة (محافظة البصرة ) .
عندما شكل توفيق السويدي وزارته الثانية في 23 شباط سنة 1946 ، والتي استمرت حتى 30 اذار 1946 إختارالاستاذ توفيق السويدي، الاستاذ عبد الوهاب محمود ليكون وزيرا للمالية ويبدو ان توفيق السويدي كان يعرف عبد الوهاب محمود جيدا ويعرف انه عروبي يساري ، وانه خريج كلية الحقوق، وانه لكي يقود وزارة تهدف بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الى بعث الحياة الحزبية في العراق بعد ان ظلت مجمدة منذ وزارة ياسين الهاشمي الثانية 1935 لابد ان يأتي بعنصر معروف بوضوح موقفه من هذه المسألة الحيوية وهكذا قام توفيق السويدي بأعادة الحياة الحزبية وتألف طبقا لذلك بضعة احزاب منها حزب الاستقلال والحزب الوطني الديموقراطي وحزب الاحرار .
ومن الغريب ان مصطفى العمري رئيس الوزراء الاسبق –كما يروي الاستاذ عبد الرزاق الحسني – في كتابه "تاريخ الوزارات العراقية " إحتج على تكليف الاستاذ عبد الوهاب محمود وقال في مذكراته التي اطلع عليها الحسني أنه زار الوصي عبد الاله وحسب انه كلف نوري السعيد بتشكيل الوزارة فصرح له الوصي انه لم يكلف نوري السعيد بعد واضاف العمري انه بين له ان أسماء الوزراء تتردد في الاشاعات وقال للوصي بالحرف :" كيف يصلب يونس السبعاوي ، ومستشاره عبد الوهاب محمود الذي كان يرافقه في جبهة القتال ، وزوجته تذيع من راديو بغداد اثناء ثورة رشيد عالي ، يعين وزيرا ؟! " . 
ويعلق الاستاذ الحسني على هذا بالقول : إن علي ممتاز الدفتري هو الذي رشح عبد الوهاب محمود لمنصب وزارة المالية ، وتعهد للرئيس توفيق السويدي بإسناده .وكان السويدي يريد الدفتري لمنصب وزرة المالية عمر نظمي على اساس ان لعلي ممتاز الدفتري بعض الارتباط بالشركات الاجنبية والبيوتات المالية ولم يكن في امكان السويدي التخلي عن عمر نظمي ولا الاخذ برأيه فجعل علي ممتاز الدفتري وزيرا للمواصلات وهذا سبب اشتراك عبد الوهاب محمود " .ويقينا ان مصطفى العمري كان يريد ان يقول للوصي كيف يصبح عبد الوهاب محمود وهو العروبي المناصر لرشيد عالي الكيلاني وزيرا . وقد علمت فيما بعد ان ثمة صلة قرابة أو نسابة موجودة بين الاستاذ عبد الوهاب محمود والاستاذ علي ممتاز الدفتري .
كان الاستاذ عبد الوهاب محمود قد سافر في 25 اذار 1946 الى الاردن برفقة محمد حسن كبة رئيس مجلس النواب وجميل عبد الوهاب نقيب المحامين انذاك الى العاصمة الاردنية عمان للمشاركة في احتفالات استقلال الاردن وفي 23 اذار -2 نيسان 1946 كلف وكالة بتولي منصب وزير المعارف وكالة وذلك لسفر نجيب الراوي وزير المعارف ( التربية فيما بعد 1958 ) الى القاهرة لحضور اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية . وبين 14 -23 نيسان 1946 تولى المنصب ذاته وكالة لسفر نجيب الراوي الى سوريا للمشاركة في احتفالات عيد الجلاء وفي 21 مايس 1946 تولى منصب وزير التموين وكالة بعد اعفاء عبد الجبار الجلبي من منصبه .
من المحطات المهمة في حياة الاستاذ عبد الوهاب محمود اشتراكه في التوقيع على "نداء استوكهولم للسلام " وقصة هذا التوقيع ترتبط بالمؤتمر العالمي للمثقفين الذي انعقد في يولونيا سنة 1948 وضم عددا من الشخصيات العالمية ومنها بيكاسو ومحمد مهدي الجواهري وصدرت من خلال هذا المؤتمر دعوة إلى السلام وتم الاتفاق على عقد مؤتمر في العام التالي من هذا التاريخ ومن هذين المؤتمرين تم تشكيل "مجلس السلم العالمي" .
وفي هذه الأثناء صدر " نداء ستوكهولم للسلام " وقد وقعه عن العراق محمد مهدي الجواهري وقد ظهرت شخصيات لنداء استوكهولم للسلام . ومن هذه الشخصيات الاستاذ عبد الوهاب محمود وكان يشغل منصب نقيب المحامين والشاعر بدر شاكر السياب و الفنان يوسف العاني وقد ذكر الدكتور فاروق برتو في مقالة له عن بدايات حركة السلم العراقية وتشكيل أول لجنة تحضيرية لأنصار السلام في تموز 1950 برئاسة محمد مهدي الجواهري وكان باكورة نشاط اللجنة إصدار بيان إلى الشعب العراقي نشر في الصحف بتوقيع عدد من رجال الفكر والشخصيات الاجتماعية المعرفة، يدعو البيان إلى تأييد نداء ستوكهولم وإلى مساندة الدعوة لنشر السلام العالمي ومقاومة أخطار الحرب. وكان من بين الموقعين على هذا البيان محمد مهدي الجواهري وعبد الوهاب محمود (نقيب المحامين في العراق) والمحامي توفيق منير والشاعر بدر شاكر السياب والفنان يوسف العاني والشاعر محمد صالح بحر العلوم والمحامي عامر عبدالله والدكتورة خالدة القيسي والدكتور عبدالله إسماعيل البستاني والاستاذ عبد الجبار وهبي.
وقد حضر المؤتمر 103 من الأشخاص منهم عبد الرزاق الشيخ علي ٬ ورضوان السعد ٬ وتوفيق منير ٬ وصفاء الحافظ ونزيهة الدليمي ٬ وعبد الكريم الماشطة٬ ومحمد الشبيبي ٬ ومظهر العزاوي ٬ وأسماء عديدة وتفصيل ذلك انه تشكلت في منتصف تموز سنة 1950 في بغداد "لجنة تحضيرية لأنصار السلام" برئاسة محمد مهدي الجواهري وكان أغلب أعضائها من اليساريين المستقلين المعروفين, ثم بادرت هذه الجماعة إلى إصدار بيان إلى الشعب العراقي, نشر في الصحف بتوقيع عدد من رجال الفكر والشخصيات الاجتماعية المعروفة, يدعونه فيه إلى تأييد نداء ستوكهولم بجمع التواقيع عليه ومساندة الدعوة لنشر السلام العالمي ومقاومة أخطار الحرب. وكان من بين الموقعين على هذا البيان محمد مهدي الجواهري وعبدالوهاب محمود (نقيب المحامين في العراق) والمحامي توفيق منير والشاعر بدر شاكر السياب والفنان يوسف العاني والصحفي عبدالجبار وهبي والشاعر محمد صالح بحر العلوم والمحامي عامر عبدالله والدكتورة خالدة القيسي والدكتور عبدالله إسماعيل البستاني, وقد اعتبر ذلك البيان خطوة مهمة لتعزيز نشاط الحركة وظهورها إلى العلن. . وبدأت عندئذ حملة جمع التواقيع على نداء ستوكهولم في كافة أطراف العراق بتحشيد من الحزب الشيوعي وبتعاون الديمقراطيين واليساريين في ذلك مما أثار انزعاج وهلع الحكومة التي أوعزت إلى وسائل إعلامها بمهاجمة حركة السلم العالمية ومؤازريها.
واستمرت حركة السلم حتى عام 1958 حتى عقد المؤتمر السلمي عام 1959 برعاية الزعيم عبد الكريم قاسم ٬ وانُتِخب الراحل عزيز شريف في هذا المؤتمر كسكرتير المؤتمر السلمي العالمي.
انتخب الاستاذ عبد الوهاب محمود نقيبا للمحامين وكان تسلسله من بين نقباء المحامين العاشر وكان ذلك خلال الدورة 1950-1951 واعيد انتخابه مرة ثانية لدورة 1951-1952 ولدورة ثالثة 1952-1953 وخلال توليه ازدهرت نقابة المحامين وتوسعت غرف المحامين وصار للمحامين غرفا مماثلة في بناية المحاكم في بعض المدن العراقية .وفي سنة 1958 قدر للاستاذ عبد الوهاب محمود ان يكون النقيب الثالث عشر للمحامين .
جاء في كتاب الدكتور مؤيد الونداوي :" أعلام الشخصيات السياسية العراقية 1935-1958 " أن الاستاذ عبد الوهاب محمود قام بدور اساسي في الهياج الذي قاد إلى الاضطرابات في عام 1952 [اي انتفاضة 1952 كما هو متعارف عليه ] ونتيجة لذلك تم حجزه لمدة ستة أسابيع. لقد كان ناشطا خلال الانتخابات التي جرت في حزيران عام 1954 ولكن ، وبعد تشكيل حكومة نوري السعيد، إنسحب من السياسة ووجه اهتماماته نحو بناء نفسه ماليا" . . 
بعد ثورة 14 تموز 1958 أنتُخب نقيبا للمحامين. كما ترأس البعثة العراقية إلى الصين الشيوعية في شهر تشرين الأول عام 1958. وقد اشار تقرير سري بريطاني الى ان الاستاذ عبد الوهاب محمود " شخصية ودودة ، وذكية ، وذي صحبة طيبة. أبنته تزوجت من أسامة أبن تحسين قدري الذي يعمل في سلك الخَدمة الخارجية العراقي. زوجته أنيسة المعشر ، ومتحررة ، وتتكلم الإنكليزية " .
وعندما انعقد المؤتمر الرابع لاتحاد المحامين العرب ببغداد للمدة من 26-30 تشرين الثاني 1958 كان الاستاذ عبد الوهاب محمود نقيبا للمحامين ايضا وقد افتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية بالمحامين الذين وفدوا بغداد وتكلم عدد من المحامين العرب وهنأوا العراقيين بالثورة وقائدها وقاموا بزيارة رئيس واعضاء مجلس السيادة ورحب بهم محمد نجيب الربيعي رئيس المجلس كما زاروا الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في مقره بوزارة الدفاع لكن الضابط المكلف بالحراسة رفض لاعضاء الوفد بالدخول الا بعد تفتيشهم وقد رفض المحامون ذلك واصر الضابط على موقفه قائلا انها تعليمات ولايستطيع مخالفتها وقرر المحامون العراقيون والعرب المغادرة الا ان الزعيم –كما يقول الاستاذ خالد خلف داخل في مقاله :" الزعيم يعتذر من المحامين العرب " علم بالامر من المحامي نجيب الصائغ سكرتير نقابة المحامين الذي قال انه متأكد بأن الزعيم لايعرف بتصرف هذا الضابط واسمحوا لي ان اذهب اليه لاطلعه وفعلا ذهب والتقى بالزعيم وشرح له موقف الضابط واصراره على تفتيش اعضاء المكتب العربي للمحامين العرب ابدى الزعيم عبد الكريم قاسم اسفه واستغرابه لما حدث ونزل مع المحامي نجيب الصائغ من مكتبه الى مدخل الوزارة حيث كان الوفد مجتمعا فاعتذر وابدى اسفه لتصرف الضابط ثم استدعى المصور لالتقاط صورة معهم في باب وزارة الدفاع وصعد معهم الى القاعة لعقد الاجتماع.
عين الاستاذ عبد الوهاب محمود سفيرا للعراق في موسكو واعتقد ان اللقاء بالزعيم مع اعضاء مؤتمر المحامين العرب وحديث الاستاذ عبد الوهاب محمود امام الزعيم كان له صدى كبير في نفسية الزعيم لذلك اختاره ليكون سفيرا لجمهورية العراق في العاصمة السوفيتية ويؤكد الدكتور ضياء نافع ذلك بالقول ان " لقد اختار عبد الكريم قاسم كما يقال شخصيا عبد الوهاب محمود ليكون سفيرا في موسكو نظرا لاهمية هذا الموقع الدبلوماسي الحساس للعراق الجمهوري في تلك الفترة " ثم يتحدث عن تفاصيل ذلك في مقال له بعنوان :" عن بعض العراقيين الذين مروا بموسكو - 70 عاما على العلاقات العراقية –الروسية" فيقول ان العلاقات العراقية –السوفيتية ابتدأت سنة 1944 وان عباس مهدي (1898- 1961 ) كان وزيرا مفوضا ومندوبا فوق العادة لتمثيل المملكة العراقية والذي وصل الى موسكو عام 1945 وبقي فيها الى عام 1947 كان ممثلا للمملكة العراقية آنذاك وان العلاقات العراقية –السوفيتية لم تصل الى مستوى السفراء الا بعد اعلان الجمهورية العراقية.
لذلك فإن الاستاذ عبد الوهاب محمود يعتبر أول سفير عراقي في موسكو في العهد الجمهوري وعين سنة 1959 وبقي حتى سنة 1962 , اذ تم تعينه بعد 14 تموز 1958 , بعد ان كانت العلاقات العراقية – السوفيتية تكاد ان تكون شكلية تقريبا . 
لقد اختار عبد الكريم قاسم شخصيا عبد الوهاب محمود ليكون سفيرا للعراق في موسكو نظرا لاهمية هذا الموقع الدبلوماسي الحساس للعراق الجمهوري في تلك الفترة , وكان عبد الوهاب محمود متفرغا طوال حياته للمحاماة ., وقد انتخبوه نقيبا للمحامين عدة مرات , اذ كان النقيب العاشر ( 1950 – 1953 ) ثم الثالث عشر ( 1958 ) وهكذا تم تعيينه سفيرا في موسكو بموجب عقد عمل لمدة ثلاث سنوات , وهو اول سفير يتم تعيينه بهذه الطريقة, وقد رفض عبد الوهاب محمود تمديد ذلك العقد بعد انتهاء فترته رغم محاولة اقناعه بالتمديد , ورجع الى بغداد حيث انتخب نقيبا للمحامين ( النقيب السادس عشر ) من عام 1968 لغاية 1971 . 
لقد نجح عبد الوهاب محمود في عمله سفيرا وكانت العلاقات العراقية – السوفيتية مزدهرة جدا , وقد ساهم بشكل فعال بكافة المفاوضات وتوقيع الاتفاقيات بين الدولتين , وتعلم اللغة الروسية , ولا زال اسمه موجودا في الكثير من الوثائق العراقية – الروسية وغالبا ما يذكره الباحثون والمؤرخون للعلاقات بين الدولتين وبكل احترام . وكما يقول الاستاذ الدكتور ضياء نافع فأن الاستاذ عبد الوهاب محمود كان واحدا من أبرز السفراء العراقيين في موسكو عبر تاريخ العلاقات العراقية – الروسية بشكل عام .
ايضا وجدتُ أن ثمة محطة مهمة اخرى في حياة الاستاذ عبد الوهاب محمود 
تتعلق بما ذكره الاستاذ باقر إبراهيم في مذكراته، الذي يروي حادثة وقعت في سنة 
1966 وكان عبد الرحمن البزاز رئيس الحكومة انذاك ويقول ان الاستاذ عامر عبد الله اخبره ان الاستاذ عبد الوهاب محمود الوزير الاسبق ونقيب المحامين الاسبق المعروف بإتجاهاته اليسارية جاءه وقال له أن البزاز يسلم عليك ويقول : لماذا أنت والشيوعيون متخفون؟ تعال نتحاور؟ فإذا تفاهمنا كان به وبات في وسعكم العمل الشرعي، وإذا لم نتفاهم عدتم إلى حيث أنتم"، وعرضت الفكرة على الحزب لكن رفاقنا لم يقبلوا"!، ويعلق الاستاذ باقر إبراهيم على ضياع الفرصة السياسية لتلك الإمكانية بالقول التالي : "إنَّ جمود الشيوعيين وأخطاءهم، في تلك الفترة، ذات صلة بالمزاج العام، وبأخطاء الأحزاب الأخرى، [... ]، كان من شأنها أنْ تعجل بقطع الطريق على إمكانات الإصلاح على أساس قومي ووطني ليبرالي". وتدل هذه الحادثة على ان الاستاذ عبد الوهاب محمود كان على صلة بالاستاذ عبد الرحمن البزاز وانه كان يقوم بوساطات بينه وبين الحزب الشيوعي تصب في مصلحة البلد والحركة الوطنية العراقية وضرورة توحدها لمواجهة التحديات انذاك .
كما علمت ايضا من إبنة أخيه الاخت الدكتورة مي عبد الكريم محمود ان الرئيس العراقي الاسبق عبد الرحمن محمد عارف التقى بالاستاذ عبد الوهاب محمود قبل وفترة وجيزة من الاطاحة به في 17 تموز 1968 وعرض عليه التعاون معه لتشكيل وزارة جديدة ولكن الاقدار شاءت غير ذلك وعندما توفي في سنة 1972 أقامت نقابة المحامين حفلا تأبينيا جمعت الكلمات والقصائد التي القيت فيه في كراس مطبوع لم اطلع عليه للاسف الشديد . 
توفي الاستاذ عبد الوهاب محمود في يوم 14 كانون الثاني سنة 1972 رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم لبلده وامته وقمين بنا وقد عرفناه وسردنا جانبا من سيرته الحافلة ان نستذكره ونشيد بما قدم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفلسفة والاخلاق والعلاقة بينهما

  الفلسفة والاخلاق والعلاقة بينهما -ابراهيم العلاف واشد ما يؤلمني ، هو تعليق البعض بأن لافائدة من الكلام ، وليس ثمة من يسمع أو يتعلم ، مع ان...