الجمعة، 15 ديسمبر 2017

مجموعة قصصية جديدة للقاص والكاتب الكبير الاستاذ حسب الله يحيى بعنوان ( أصابع الاوجاع العراقية )



مجموعة قصصية جديدة  للقاص والكاتب الكبير الاستاذ حسب الله يحيى 
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل 
منذ اكثر من ست سنوات ، كتبت عن القاص المبدع الاستاذ حسب الله يحيى في موقع (ميدل ايست اون لاين ) . وقلت انه الجرح الذي لا يعرف الانين ، وتحدثت عنه وقلت انني لا أعرف كاتبا جادا، وأديبا دؤوبا ، وإنسانا صادقا، مثله .
كان، ولا يزال، ثائرا مناضلا يدافع عن الكلمة الحرة ، ويسعى لتعميق الإدراك بحب الوطن والعمل من أجله. هكذا عرفته قبل الاحتلال الاميركي ، وبعد الاحتلال تعمقت نظرتي إليه ولإنجازاته، وكم كنت متألما وأنا أقرا عن بعض ما أصابه مؤخرا والإحباط واليأس مما حل بالوطن، لكنني وأنا اتابع ما يعمل، اشعر بأنه إنسان "عنقاوي" كلما احترق له جناح تسامى في الارتفاع والعلو. أليس هو القائل سنة 1969 وهو يقدم لحركة قصص 69 وجماعة أصدقاء القصة في الموصل: "قصص 69، تولد من كبت وجودنا، من بسمة الشحوب في جباهنا، من تداخل أفكار تشيد عالم الإنشاء، ولن يسل الأمل في رؤوسنا، نغني للجدب، ونحرق بخور أهازيج لما نقدمه، ولكنها علامة لوجودنا، إصرارنا الحي رغم كل الرسوم الذليلة التي تنحتها أزمة الوجوه الصدئة، وكل اغتيال لصوتنا سوف يحقق هزيمة نعرفها مسبقاً، ونعلنها للشمس والقمر".
من مجاميعه القصصية: "الغضب" 1967، "القيد حول غصن الزهرة" 1974، و"ضمير الماء" 1972، و"الحطب" 1974، و"النهار يدق الأبواب" 1977، و"هي امرأة عراقية" 1982، و"الأشواق" 1986، و"كتمان" 1989، و"أنفاس" 1993، و"أجنحة حجرية" 2001، و"كوميديا الكاتب في الزمن الكاذب" 1999، كما أصدر مجاميع قصصية للأطفال منها "دفاع عن الفرح" 1977، و"الفراشات" 1977. و"مقدمة في مسرح الأطفال" 1997، وأصدر دراستين هما: " فنارات في القصة والرواية" 1993، و"المسرح العراقي قضايا ومواقف" 2001. كما أصدر "مجموعة مقالات ورؤى عن كردستان" في بيروت سنة 1974.
اليوم 15-12-2017 وانا جالس في البيت طرق بابي اخي الاستاذ عبد الله خليل العلاف . وقال ان الاستاذ حسب الله يحيى ارسل لك مجموعته القصصية الجديدة (2017 ) الموسومة : ( أصابع الاوجاع العراقية ) وبدأت اقرأها ابتداء من الاهداء الجميل الموجه لي وتقول عباراته " الاخ الاكرم الدكتور ابراهيم العلاف مع وافر الاعتزاز بكم قلما مشرقا وصديقا عزيزا " .
انا أشكر أبا صميم على هذه العبارات ، واخذت اقلب ما تضمه هذه المجموعة ؛
فوجدتها رائعة وحزينة فهي تتابع كل اصابع العراقيين الموجعة المتمثلة بأصابع الكاتب التي لم تعد اصابع، واصابع القتل ، واصابع الشهداء واصابع سبايكر واصابع حارس المتحف واصابع بهنام ابو الصوف واصابع النساء واصابع الست باسمة واصابع بلون الامنيات واصابع اللذة واصابع الديك ، واصابع الحبر السماوي.. اذا هي اصابع موجعة لكن ما يجمعها وينتظمها هو الوجع والانين " اصابع قطعت وكل اصبع تم رميه في مكان ..حتى لايتجمع إصبع مع آخر ..ويتحول الجمع الى عشيرة وتتحول العشيرة الى اناس متمرين تزداد اعدادهم يوما بعد آخر " .
في قصص حسب الله يحيى ، وجع حقيقي .. وجع العراقيين ليس يشبهه وجع .كيف لنا ان نعرف اناسا باعوا حناجرهم لسواهم وصاروا يتكلمون بحناجر اولياء نعمتهم . وكيف لنا ان نعرف اناسا استبدلوا ضحكاتهم الحقيقية بضحكات مسؤوليهم وكيف لنا ان نعرف اناسا باتوا يمتلكون اصابع غيرهم .
كل هذا يحدث في الواقع وحسب الله اقتنص من هذا الواقع احداثا وشخوصا عبر عن انفعالاتها وهمومها لابل قل خيباتها .
وقفت عند قصته (اصابع حارس المتحف ) وهي تروي كيف انقض الظلاميون على تحف واثار الموصل ...رآهم ..رأى وجوههم القاسية وهم يحطمون كل شيء يجدونه امامهم ..وعندما رأهم شعر وكأنهم يحطمونه مع كل ما يلقونه للخراب والتهلكة ...كانوا يعبثون في كل جنبات المتحف وعندما راحوا اخذ يتحسس قدماه التي راحت تحوم حول المكان كانت اصابع قدماه قد خدرت فيما كانت اصابع يداه تائهة حائرة ...كان المكان اشبه بمجزرة هائلة تسيل منها الدماء .
في كل قصة من قصص حسب الله يحيى في هذه المجموعة ثمة ألم وثمة حزن وثمة خراب .وفي كل مكان دارت فيه احداث قصة من قصص حسب الله يحيى الجديدة ما يقبض على الانفاس والارواح ويكون سببا رئيسيا من اسباب الصداع بحيث لايستطيع الانسان ان يفلت من بين اصابع الضغط والحطام .
عشرون قصة وملحق تضمها المجموعة القصصية هذه تشكل خلاصة اكثر من 70 سنة من الاوجاه العراقية التي عاشها القاص نفسه وليس غيره عاش نبض كل لحظة فيها ومن هنا وجدناه وقد امتلك تجربة عميقة لكنها جريحة ، لابل مغرقة بالاحزان وثقل الزمن .
ولكن وسط كل هذه الاحزان كان ثمة فرح ونسائم من الفرح لكن هذا الفرح لم يستطع ان يتجاوز الكم الكبير من الحزن فعبر الحزن تمتحن ارادة الانسان وتقوى عزائمه والكتابة لايمكن ان تتحول الى نواح وبكاء عميق لكنها يمكن ان تكون بداية لحياة جديدة لتعبيرات جديدة عن واقع جديد نصنعه نحن الذي عانينا ، واثقلت الهموم كواهلنا .. لانصنعه لانفسنا بل لاولادنا لاحفادنا ولمن يأتي بعدنا لذلك لايمكن يا حسب الله يحيى ان نتوقف عن أداء رسالتنا ، ولايمكن ان نقول ان ما كتبناه هو اخر ما سوف نكتبه .. نظل نكتب ونكتب الى ان نسلم القلم لمن بعدنا لكي تستمر مسيرة الحياة ولعلها تكون كما اردناها نحن او كما حلمنا بها . 
بوركت اخي الاستاذ حسب الله يحيى فقد جعلتني اعيش ساعات مع قصصك مع اوجاعك مع تجربتك ، ويالها من تجربة غنية دمت ذخرا لنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معنى كلمتي (جريدة ) و(مجلة )

  معنى كلمتي ( جريدة) و(مجلة) ! - ابراهيم العلاف ومرة تحدثت عن معنى كلمة (جريدة ) وقلت ان كلمة جريدة من   (الجريد) ، و( الجريد) لغة هي :  سع...